سورة القمر - تفسير تفسير الثعالبي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (القمر)


        


{ولقد تركناها آية} يعني الفعلة التي فعلنا بهم آية يعتبر بها. وقيل: أراد السفينة. قال قتادة: أبقاها الله تعالى بأرض الجزيرة عبرة حتى نظر إليها أوائل هذه الأمة {فهل من مدكر} يعني متذكر معتبر متعظ خائف مثل عقوبتهم.
(ق) عن ابن مسعود قال: «قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم مذكر فردها عليّ» وفي رواية أخرى «سمعته يقرؤها فهل من مدكر دالاً» {فكيف كان عذابي ونذر} يعني إنذاري {ولقد يسرنا القرآن} يعني سهلنا القرآن {للذكر} يعني ليتذكر ويعتبر به قال سعيد بن جبير يسرناه للحفظ والقراءة وليس شيء من كتب الله تعالى يقرأ كله ظاهراً إلا القرآن {فهل من مدكر} يعني متعظ بمواعظه وفيه الحث على تعليم القرآن والاشتغال به لأنه قد يسره الله وسهله على من يشاء من عباده بحيث يسهل حفظه للصغير والكبير والعربي والعجمي وغيرهم.
قوله تعالى: {كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر} أي إنذاري لهم بالعذاب {إنا أرسلنا عليهم ريحاً صرصراً} أي شديدة الهبوب {في يوم نحس} أي يوم شؤم {مستمر} أي دائم الشؤم استمر على جميعهم بنحو سنة فلم يبق منهم أحد إلا هلك فيه.
وقيل: كان ذلك اليوم يوم الأربعاء في آخر الشهر {تنزع الناس} أي الريح تقلعهم ثم ترمي بهم على رؤوسهم فتدق رقابهم. قيل: كانت تنزعهم من حفرهم {كأنهم أعجاز نخل} قال ابن عباس: أصول نخل {منقعر} أي منقطع من مكانه ساقط على الأرض. قيل: كانت الريح تبين رؤوسهم من أجسامهم فتبقي أجسامهم بلا رؤوس كعجز النخلة الملقاة {فكيف كان عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر كذبت ثمود بالنذر} أي بالإنذار الذي جاء به صالح {فقالوا أبشراً منا واحداً} يعني آدمياً واحداً منا {نتبعه} أي ونحن جماعة كثيرون {إنا إذاً لفي ضلال} أي خطأ وذهاب عن الصواب {وسعر} قال ابن عباس: عذاب. وقيل: شدة عذاب وقيل إنا لفي عناء وعذاب مما يلزمنا من طاعته. وقيل: لفي جنون. وقيل: لفي بعد عن الحق.


{أألقي الذكر عليه} يعني أأنزل الوحي عليه {من بيننا بل هو كذاب أشر} أي بطر متكبر يريد أن يتعظم علينا بادعائه النبوة {سيعلمون غداً} أي حين ينزل بهم العذاب. وقيل: يعني يوم القيامة وإنما ذكر الغد للتقريب {من الكذاب الأشر} أي صالح أم من كذبه {إنا مرسلوا الناقة} أي باعثوها ومخرجوها من الهضبة التي سألوا، وذلك أنهم تعنتوا على صالح فسألوه أن يخرج لهم من صخرة حمراء ناقة عشراء فقال الله تعالى إنا مرسلو الناقة {فتنة} أي محنة واختباراً {لهم فارتقبهم} أي فانتظر ما هم صانعون {واصطبر} أي على أذاهم {ونبئهم} أي أخبرهم {أن الماء قسمة بينهم} أي بين الناقة وبينهم لها يوم ولهم يوم وإنما قال تعالى بينهم تغليباً للعقلاء {كل شرب} أي نصيب من الماء {محتضر} أي يحضره من كانت نوبته فإذا كان يوم الناقة حضرت شربها وإذا كان يومهم حضروا شربهم. وقيل: يعني يحضرون الماء إذا غابت الناقة فإذا جاءت حضروا اللبن {فنادوا صاحبهم} يعني قدار بن سالف {فتعاطى} أي فتناول الناقة بسيفه {فعقر} يعني الناقة {فكيف كان عذابي ونذر} ثم بين عذابهم فقال تعالى: {إنا أرسلنا عليهم صيحة واحدة} يعني صيحة جبريل {فكانوا كهشيم المحتظر} قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الرجل يحظر لغنمه حظيرة من الشجر والشوك دون السباع فما سقط من ذلك فداسته الغنم فهو الهشيم. وقيل: هو الشجر البالي الذي يهشم حين تذروه الرياح.
والمعنى: أنهم صاروا كيبيس الشجر إذا بلي وتحطم وقيل كالعظام النخرة المحترقة وقيل هو التراب يتناثر من الحائط.


{ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}.
قوله تعالى: {كذبت قوم لوط بالنذر إنا أرسلنا عليهم حاصباً} يعني الحصباء وهي الحجارة التي دون ملء الكف وقد يكون الحاصب الرامي، فعلى هذا، يكون المعنى إنا أرسلنا عليهم عذاباً يحصبهم أي يرميهم بالحجارة ثم استثنى.
فقال تعالى: {إلا آل لوط} يعني لوطاً وابنتيه {نجيناهم} يعني من العذاب {بسحر نعمة من عندنا} أي جعلناه نعمة منا عليهم حيث نجيناهم {كذلك نجزي} أي كما أنعمنا على آل لوط كذلك نجزي {من شكر} يعني أن من وحد الله لم يعذبه مع المشركين {ولقد أنذرهم} أي لوط {بطشتنا} يعني أخذنا إياهم بالعقوبة {فتماروا بالنذر} أي شكوا بالإنذار ولم يصدقوا وكذبوا {ولقد راودوه عن ضيفه} أي طلبوا منه أن يسلم إليهم أضيافه {فطمسنا أعينهم} وذلك أنهم لما قصدوا دار لوط عالجوا الباب ليدخلوا عليهم فقالت الرسل للوط خل بينهم وبين الدخول فإنا رسل ربك لن يصلوا إليك فدخلوا الدار فصفقهم جبريل بجناحه فتركهم عمياً بإذن الله يترددون متحيرين لا يهتدون إلى الباب وأخرجهم لوط عمياً لا يبصرون.
ومعنى: فطمسنا أعينهم، يعني صيرناها كسائر الوجه لا يرى لها شق. وقيل: طمس الله أبصارهم فلم يروا الرسل فقالوا لقد رأيناهم حين دخلوا فأين ذهبوا؟ فلم يروهم {فذوقوا عذابي ونذر} يعني ما أنذركم به لوط من العذاب {ولقد صبحهم بكرة} أي جاءهم وقت الصبح {عذاب مستقر} يعني دائم استقر فيهم حتى أفضى بهم إلى عذاب الآخرة {فذوقوا عذابي ونذر ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر}
قوله عز وجل: {ولقد جاء آل فرعون النذر} يعني موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام. وقيل: النذر، الآيات التي أنذرهم بها موسى {كذبوا بآياتنا كلها} يعني الآيات التسع {فأخذناهم} يعني بالعذاب {أخذ عزيز مقتدر} يعني غالب في انتقامه قادر على إهلاكهم لا يعجزه عما أراد ثم خوف كفار مكة.

1 | 2 | 3